أزمة أوكرانيا.. العالم على صفيح ساخن ونذر الحرب تتصاعد

وجه الاتحاد الأوروبي، الاثنين، دعوة جديدة لروسيا لنزع فتيل التوتر بشأن أوكرانيا، وحذر – مجددا – من أن روسيا ستواجه عواقب “وخيمة” إن هاجمت جارتها.

ووجه التحذير هذه المرة، 27 وزير خارجية أوروبيين كانوا مجتمعين في بروكسل، حيث قالوا إن الاتحاد “يدين الأعمال العدوانية المستمرة لروسيا وتهديداتها ضد أوكرانيا ويدعو روسيا إلى وقف التصعيد”.

وتتلقى روسيا هذه الدعوات والتحذيرات بانتظام منذ أسابيع، لكن لا شيء يتغير – ظاهريا على الأقل – في سيناريو غزو لأوكرانيا يبدو وشيكا إلى درجة أن بريطانيا والولايات المتحدة سحبتا عددا من الديبلوماسيين وعوائلهم من سفارتيهما في كييف تحسبا من وقوع غزو في الأيام القليلة المقبلة على ما يبدو.

وسحبت واشنطن ولندن موظفي سفارتيهما غير الأساسيين بفارق يوم واحد بينهما، عقب تصعيد بريطاني اتهم موسكو بالعمل على تنصيب حكومة أوكرانية موالية لها وإسقاط الحكومة الأوكرانية الحالية المنتخبة ديمقراطيا.

وقال، جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إن الاتحاد لا يعتزم، في الوقت الحالي، سحب عائلات الدبلوماسيين من أوكرانيا.

وتنفي روسيا، التي تضع عشرات الآلاف من القوات بالقرب من حدود أوكرانيا التخطيط لغزو لكن حلف شمال الأطلسي قال إنه يضع قواته في وضع الاستعداد ويعزز أوروبا الشرقية وهي تحركات وصفتها موسكو بأنها “هستيريا”.

الجنود بدل الديبلوماسيين

وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الرئيس جو بايدن، يفكر بنشر عدة آلاف من القوات الأميركية بالإضافة إلى السفن الحربية والطائرات في عدة بلدان ضمن حلف الناتو في أوروبا الشرقية ومنطقة البلطيق.

وتقول الصحيفة إن هذا تحول في سياسة عدم استفزاز روسيا التي انتهجتها الإدارة حتى الآن، يأسا كما يبدو من تغيير في موقف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عبر المفاوضات.

وتنقل الصحيفة عن مصادر لم تسمها أن اجتماعا عقد السبت في كامب ديفيد، المنتجع الرئاسي الأميركي في ولاية ماريلاند، نوقشت فيه عدة خيارات قدمها المسؤولون في البنتاغون للرئيس، من شأنها أن تدفع بالكثير من الأصول العسكرية الأميركية إلى “عتبة باب بوتين” وهو ما كان بوتين يحتج بشأنه من الأساس.

وقالت المصادر إنه من المتوقع أن يتخذ الرئيس قرارا هذا الأسبوع.

لكن حتى الآن، لا تتضمن أي من الخيارات العسكرية قيد الدراسة نشر قوات أميركية إضافية في أوكرانيا نفسها.

وقال مسؤولون أميركيون إن الجيش أمر بنشر ما يصل إلى 8500 جندي على أهبة الاستعداد للانتشار المحتمل في أوروبا الشرقية وسط تصاعد التوترات بشأن الوجود الروسي بالقرب من الحدود الأوكرانية.

وقال السكرتير الصحفي للبنتاغون، جون كيربي، الاثنين، إن “أوامرا بالاستعداد صدرت للقوات المتمركزة فى عدة منشآت في الولايات المتحدة” مع أنه “لم يتم تفعيل القوات من الناحية الفنية لنشرها في المنطقة”. وأضاف أنه تم ابلاغ القوات وأسرهم الاثنين.

وقال كيربي إن معظم القوات التي تم تحديدها ستنضم إلى قوة استجابة تابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي يقوم الحلف بتنشيطها، مضيفا أن القوات “إذا تم تفعيلها، ستنتشر في دول الناتو في أوروبا الشرقية مثل بولندا أو ليتوانيا”، مضيفا أن البنتاغون “يمكنه أيضا نشر قوات لدعم مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، بطائرات بدون طيار”.

وقال المسؤولون، بحسب صحيفة وال ستريت جورنال، إن القوات قد تكون أيضا على أهبة الاستعداد إذا قررت الولايات المتحدة إجلاء عشرات الآلاف من الأميركيين المقيمين الآن في أوكرانيا.

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيضأ جين ساكي، الاثنين، إن “توصيتنا هي أن يفكر المواطنون الأميركيون الموجودون حاليا في أوكرانيا باستخدام خيارات النقل التجارية أو غيرها من خيارات النقل المتاحة من القطاع الخاص للمغادرة”.

وكانت الولايات المتحدة قد أبعدت سفنها عن البحر الأسود منذ ديسمبر الماضي، لكن حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان وسفنها المرافقة لها بدأت المشاركة في مناورات بقيادة الناتو، الاثنين، في البحر المتوسط، حسبما ذكر البنتاغون.

وأعلن حلف شمال الأطلسي الاثنين، أن بعض الدول الأعضاء تضع قواتها في حالة تأهب وترسل سفنا وطائرات مقاتلة إضافية إلى أوروبا الشرقية لطمأنة الحلفاء في المنطقة، مشيرا إلى “التهديد المتزايد من روسيا “.

وبحسب نيويورك تايمز، فإن التعزيزات تشمل عرضا من فرنسا لإرسال قوات إلى رومانيا تحت قيادة الناتو، فيما ترسل الدنمارك طائرات F-16 إلى ليتوانيا.

وأرسلت هولندا بالفعل طائرتين من طراز F-35 إلى بلغاريا للمساعدة في ضبط الأمن الجوي فيما أرسلت إسبانيا فرقاطة إلى البحر الأسود.

كما أعلن الاتحاد الأوروبي عن مزيد من المساعدات المالية لأوكرانيا بنحو 1.2 مليار يورو، أو 1.36 مليار دولار، لمساعدة البلاد خلال هذه الأزمة.

ويطالب أعضاء الناتو المتاخمين لروسيا وبيلاروسيا، أو بالقرب من البحر الأسود المتنازع عليه في الجنوب، بالمزيد من قوات الحلفاء والمعدات لبناء الردع ضد أي عدوان محتمل من جانب روسيا.

ويتمركز حاليا نحو 5 آلاف جندي من قوات الناتو في بولندا ودول البلطيق فيما وصفه الناتو بـ “الوجود الأمامي المعزز”.

تعزيزات روسية

وتقدر المخابرات العسكرية الأوكرانية أن 127 ألف جندي محتشدون على الحدود الأوكرانية ومن المتوقع أن يصل آلاف آخرون إلى بيلاروسيا للمشاركة في التدريبات الشهر المقبل إلى جانب الدبابات والمدفعية والطائرات المقاتلة.

ويخشى مسؤولون أميركيون من أن هذه القوات موجهة أيضا إلى تخويف دول الناتو على حدود بيلاروس الغربية، مثل بولندا ودول البلطيق.

وفي الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن أكثر من 140 سفينة و10000 بحار سيشاركون في سلسلة من التدريبات البحرية بالذخيرة الحية في فبراير في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك قبالة الساحل الأيرلندي. بهدف “حماية المصالح الوطنية لروسيا في محيطات العالم”.

وأعلنت البحرية الروسية الاثنين بدء مناورات في بحر البلطيق بمشاركة 20 سفينة حربية، وقالت الحكومة الأيرلندية إنها ناقشت مخاوف مع موسكو بشأن خططها لإجراء مناورات بحرية قبالة الساحل الأيرلندي الشهر المقبل.

وتحذر الولايات المتحدة من رد روسي قد يتمثل بهجمات إلكترونية على مؤسسات أميركية، بحسب شبكة CNN.

 

وتقول مذكرة لاستخبارات وزارة الأمن الداخلي الأميركي، نشرتها الشبكة، إنه على الرغم من التوترات الأميركية مع روسيا بشأن أوكرانيا، فإن “محللي وزارة الأمن الداخلي يقدرون أن قدرة موسكو لشن هجمات إلكترونية تخريبية أو مدمرة على الوطن ربما تظل مرتفعة للغاية”.

وأضافت المذكرة “لم نلاحظ أن موسكو تستخدم بشكل مباشر هذه الأنواع من الهجمات الإلكترونية ضد البنية التحتية الحيوية للولايات المتحدة – على الرغم من التجسس الإلكتروني وعمليات التمركز المسبق المحتملة في الماضي.”

وتقول الشبكة إن المسؤولين الأميركيين يستعدون لهجمات إلكترونية انتقامية محتملة من الكرملين حيث عقدت وزارة الخزانة إيجازا سريا عن الموضوع للبنوك الأميركية الكبرى، في حين أطلعت وزارة الطاقة أكبر المرافق الكهربائية في أميركا على القدرات السيبرانية الروسية.

ونقلت الشبكة عن السناتور مارك وارنر، رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ قوله إنه “قلق من أن روسيا تستخدم أوكرانيا كنوع من أرض الاختبار لقدراتها السيبرانية”.

وقال وارنر “على مدى سنوات ، كنت أؤكد أننا بحاجة إلى قواعد طريق في الفضاء الإلكتروني، تماما كما حددنا القواعد المتعلقة بالنزاع المسلح”، مضيفا “نحن بحاجة إلى التأكد من أن الكرملين يعرف أنه إذا استخدموا هجمات إلكترونية مدمرة ضد الولايات المتحدة، فستكون هناك عواقب وخيمة.”

وقال بايدن في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة يمكن أن ترد بعمليات إلكترونية خاصة بها في حال قيام روسيا بهجمات إلكترونية إضافية في أوكرانيا.

وجاء حديث بايدن بعد أيام من هجومين إلكترونيين استهدفا العديد من الوكالات الحكومية الأوكرانية التي يعتقد المحققون أنها نفذت من قبل روسيا

المزيد من العقوبات

وقالت الدنمارك إن الاتحاد الأوروبي سيكون على استعداد لفرض عقوبات اقتصادية “لم يسبق لها مثيل” على روسيا.

وتتوعد الولايات المتحدة وبريطانيا بفرض عقوبات مشابهة، لكنهما قالا إن قوات الناتو لن تدخل في مواجهة عسكرية مع روسيا في حالة الغزو، لكون أوكرانيا ليست عضوا في الناتو.

وهناك اختلافات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول مدى الشدة في التعامل مع روسيا، بحسب رويترز.

وأشار وزير الخارجية الليتواني، غابريليوس لاندسبيرجيس، إلى أن روسيا تريد “تقسيم الغرب” وأن الاتحاد الأوروبي لا يمكنه تحمل الانقسام.

فيما حث المستشار الألماني، أولاف شولتز، أوروبا والولايات المتحدة على التفكير مليًا عند النظر في العقوبات، كما أشار وزير الخارجية النمساوي ألكسندر شالنبرغ، إلى اعتماد الاتحاد الأوروبي الكبير على الغاز الروسي.

وردا على سؤال حول العقوبات المحتملة على خط أنابيب نورد ستريم 2 من روسيا إلى ألمانيا، والذي لم يحصل بعد على موافقة الجهات التنظيمية، قال شالنبرج إن فرض عقوبات على شيء لم يتم تشغيله بعد لا يمثل تهديدًا ذا مصداقية.

ومن العقوبات المحتملة الأخرى عزل روسيا عن نظام SWIFT للتحويلات البنكية، لكن وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك قالت إن استخدام “العصا الأقسى” قد لا يكون دائمًا أفضل طريقة للتعامل مع مثل هذا الموقف.

وفرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على موسكو تستهدف قطاعات الطاقة والبنوك والدفاع بعد أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم في 2014.

ما الذي يدفع بوتين إلى التصعيد؟

بالإضافة إلى القلق المعلن من توسع الناتو قرب الحدود الروسية، كما يقول الكرملين، فإن عدة أحداث عالمية، وتغيرات في السياسة والاقتصاد، يبدو أنها أسهمت في إقناع الرئيس الروسي بوتين بالتصعيد.

ويقول مقال لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن “إحجام الولايات المتحدة عن الانخراط عسكريا في النزاع، واعتماد ألمانيا على موسكو في مجال الطاقة، وصداقة الصين المتنامية مع روسيا تشجع كلها الكرملين في مساعيه بشأن أوكرانيا”.

ويضيف المقال إن بوتين يريد أن يتحرك الآن لأنه “يرى أوكرانيا تنزلق من قبضته”، لكن الأسباب التي تقنعه بأنه “حر التصرف” كما يشاء في جارته تكمن في ثلاث دول أخرى.

ويضيف المقال أن غزو روسيا لشبه جزيرة القرم، والتهديدات التي مارسها، كلها أنتجت عكس ما قصده بوتين، إذ انها عززت المشاعر المعادية لروسيا وجعلت أوكرانيا تتجه نحو الغرب.

وينقل المقال، عن روبرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي الأسبق ونائب رئيس الاستخبارات المركزية في الثمانينات، قوله إن “هناك القليل من الوقت للعمل في أوكرانيا (بالنسبة لبوتين) قبل أن تصبح التطورات هناك لا رجعة فيها”.

ويشير المقال إلى أن علاقة بوتين “الدافئة” مع الصين تعطيه سببا للاعتقاد بقدرته على تجاوز أي عقوبات اقتصادية غربية قد تفرض بعد غزوه المحتمل لأوكرانيا.

ويؤكد المقال أن “الصين وروسيا لديهما مصلحة مشتركة في جعل الولايات المتحدة تبدو ضعيفة”، مضيفا أن أي نجاح روسي في مغامرة أوكرانيا قد يدفع إلى تحرك صيني بشأن تايوان.

الأوضاع في أوكرانيا نفسها

وفيما لا يزال العالم، وخاصة أوروبا والولايات المتحدة يحاول نزع فتيل الصراع، يبدو أن الأوكرانيين متيقنون تقريبا من أنه سيحصل.

وبحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال فإن المدنيين الأوكرانيين يتدربون، ويدربون أطفالهم وزوجاتهم على استخدام الأسلحة.

وأوكرانيا رسميا في حالة حرب مع روسيا منذ اجتياح الروس لشبه جزيرة القرم في عام 2014، ولكن مع تجمع 100 ألف جندي روسي قريبا من الحدود، يقول الناس إن “هناك شعورا مختلفا هذه المرة”.

ويحذر بعض المدنيين الأوكرانيين الذين تحدثوا للصحيفة من “كابوس مثل سوريا” قائلين إن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن للروس القيام به.

وفي السنوات الثماني التي تلت إثارة روسيا للصراع في شرق أوكرانيا، استمرت الحياة في العاصمة كييف، وتقتصر الحرب على الشرق حيث يتبادل الجيش الأوكراني في السنوات الأخيرة نيران القناصة والمدفعية مع الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا على طول خطوط أمامية ثابتة إلى حد كبير.

وقد حث المسؤولون الأوكرانيون في الأيام الأخيرة المواطنين على التزام الهدوء خوفا من أن تحاول روسيا الاستفادة من الذعر.

لكن المنشورات على مواقع التواصل الأوكرانية زاخرة بالحديث عن الأزمة، وينتشر هاشتاغ “نحن مستعدون” باللغة الأوكرانية في منشورات مثل تعليمات الإسعافات الأولية و”تفسير الحرب للأطفال”.

وحتى الآن، لم يكن هناك أي زخم على عمليات المصارف، ولم تفقد العملة سوى قيمة ضئيلة مقابل الدولار الأميركي مقارنة بالأزمات السابقة.

وقال ثلث المشاركين فى استطلاع أجرى في نهاية العام الماضي إنهم سيحملون السلاح إذا غزا الروس بلادهم .

المصدر: الحرة

تابع كل المواضيع و الأخبار التي تهمك الان على واتساب اضغط على الرابط التالي https://n247.co/wp

زر الذهاب إلى الأعلى
error: